نموذج الاتصال

الرسالة الثالثة: دعه يتأخر

 

الثالث عشر من فبراير، سنة 2022

 

اليوم صباح الأحد، بطبيعة الحال ستنقضي الرسالة وأنا أتلو عليك ما يحدث في صباح الأحد من أعمال. ولذلك سأنسى الأعمال هنيهة وأقول لك أنني أستمع لمحمود درويش وقصيدته "يوم الأحد" يتهادى صوته من السماعات الرأسية وأنا أرتب الأوراق في الطابعة، قصيدة بديعة جدًا في ذكر الكسل اللطيف الذي أشعر به، درويش كتلة دهشة شعرية.

أمامي كوب قهوة -على خلاف اللاتيه في عطلة الأسبوع- وأقضم من "كيك ديمة" قطع صغيرة، وهو لذيذ بالمناسبة.

 

حدثني عنك، أتذكر أن لديك حلم، هل تأخر يا صديقي؟ أتذكر أنك تقاتل من أجله من سنوات، ولكنك لم تنجزه بعد، وتظن أنه بعيد المنال، ولكن هذا في مخيلتك فقط، كم أمر ظننته بعيد جدًا، وفجأة أصبح بين يديك.

لنتفق أنه متأخر وحسب، هو كصديقك الذي يقول لك "خمس دقائق وأجيك" ثم تنتظره ساعة، أنت تعلم أنه لم يصل بعد، ولن يصل في غضون دقائق لأنه يكلمك وهو لم يستحم بعد، ولكن كلك يقين أنه سيأتي مهما طال الوقت.

فكر بالأمر كما تفكر بصديقك، سيتحقق الحلم، المهم أن تضع كل يوم لُبْنة صغيرة في هذا البناء، حتى يتم في نهاية الأمر. أما متى سيتم؟ لا يهم.

 

دعنا نتذكر «الكسائي» حين بدأ طلب العلم وعمره ٤٠ سنة، واستمر يحفظ كل يوم ٥ مسائل فقط ولم يزد عليها، ويعني هذا أنه في السنة يدرس ١٧٠٠ مسألة تقريبًا -إن أسقطنا بعض الأيام التي يمرض بها أو يلهو عن العلم لشاغل- ولم يلبث بضع سنوات أخرى حتى أتقن النحو، وأصبح وجهة لمن أراد السؤال عن أمرٍ في اللغة. كم تأخر حلمه في أن يصبح عالم؟ 50 سنة في أقل تقدير.

هل استوعبت أن رغباتك ما دمت مصرًا عليها ستحدث، ولكن لنتفق ألاّ نتوقف، متى يحضر هذا الحلم؟ لا أعلم، سنة، أكثر من سنة، 20 سنة، دعه يتأخر، ولكن لنثق أن أحلامنا مآلها التحقيق، وختامها الوصول.

 

إليكَ، من متعب



2 تعليقات