نموذج الاتصال

ما هو أفضل وقت للموت؟

ما هو أفضل وقتٍ للموت؟

 

تدور ببالي هذه العبارة الآن ولا أجد داعي يدعوني إلى التدوين سواها، متى أموت؟ وما هو شكل الموت، هل أستلقي على الجنب الأيمن وأبتسم ليصوروا وجهي بعد موتي ويقولون "سبحان الله مات مبتسم" أو أهرول ما إن أشعر بملك الموت يخاتلني للمكتب وأستلقي على لوحة المفاتيح ليقولون "ما أنبله، حتى وهو يحتضر كان يشتغل"
 
والأهم من الطريقة هو التوقيت الذي أرحل به، أشعر أن الرحيل في النهار أكثر طمأنينة ورضا، أُنقل إلى المشفى في زحام السيارات وروحي تعقد اتفاقيات مع جسدي لتخرج بطريقة سلمية، ويمضي الناس من حولي بطمأنينة ولا أحد يسأل، كلهم في أعمالهم، ولكني لو فعلتها في الليل الدامس، لهرع الناس، وأصبت بالذهول، وأيقظت غيري، وكان موتي له ضجيج، والضجيج مذموم.

 

تتردد كثيرًا عبارة "من الأفضل للمرء أن يموت وهو بصحة جيدة" وأتساءل عن الفائدة من صحتي؟ ليجد الدود لحمي لذيذًا وهو يتغذى على جسدي في قاع الأرض، ويمر على أجزائي الجيدة (بالدور)، أو ربما لأنها مؤامرة تقتضي أن أحافظ على أعضائي ليسرقوها بعد موتي، لا أرغب أن يعيش غيري وهو يثني قدمه بركبتي، أرفض هذا.

 

وأما من ناحية الصحة فأنا أفعل خلاف ما يقوله الأطباء حرفًا، "يجب ألا تأكل السكر" أسمعها وأنا أبتسم ومعي كوبي المليء بثلاثة ظروف، "يجب أن تبتعد عن الدهون" وصوت الميكرويف يدوي من المطبخ وهو يسخن الوجبات السريعة، لن أمتثل لدعايات من الممكن أن تجعل غيري يمشي بركبتي، ركبتي لي وكفى.

 

الحقيقة أنني أخشى كل ما أخشاه أن أموت كأحمق، يدخل عليّ الأعزاء ويجدوني شاخص للسقف ولعابي يسيل، أنا شخصيًا لو رأيتني في هذه الوضعية لضحكت كثيرًا علي، أتذكر مرة قرأت في كتاب لدانيال لي "كيف للمرء أن يموت كأحمق بينما هو فيلسوف" وهذا ما أخشاه كل الخشيّة، عشت عمري ما بين أسماء الكبار، وأموت ولعابي يسيل، قطعًا لا!

 

ثم أني ناقم على عيشي إلى هذه اللحظة، لو أنني مت قبل هذا الوقت بقليل لكنت طائر يرفرف بأجنحته كالملائكة، لكن الواقع أصر أن أعيش أكثر، طبعًا وجودي يستنزف الطبيعة، ولكن السيدة ماري أفندي تقول "وموت هؤلاء الاطفال خسارة مالية كبيرة." فعيشي خسارة للطبيعة وموتي خسارة للدولة، والحياة بأسرها سلسلة خسائر. وكما يقول صمويل بيكيت "أنت موجود على الأرض، ولا يوجد دواء لذلك"


_____

إرسال تعليق