يصف
عمر بن الخطاب زهير بن أبي سلمى فيقول بأنه شاعر الشعراء، فقال له ابن عباس
متسائلاً بماذا صيرته شاعر الشعراء فقال: لأنه لا يعاظل بين الكلامين، ولا يتتبع
حوشي الكلام، ولا يمدح أحداً بغير ما فيه
كانت القصيدة على مدى العصور تحاول أن تقترب من مستوى مفردات الشعوب آنذاك للوصول إلى الناس بها، وتخاطب عقولهم بمعنى مباشر وتصاوير فنية تُفهم من الوهلة الأولى، وربما تكون شائعة أيضاً ليصبح البيت فيما بعد مثال يجوب الآفاق
وما أكثرها التي أصبحت أمثلة كبيت جرير الشهير " زعم الفرزدق أن سيقتل مرْبعاً.. أبشر بطول سلامة يا مرْبعُ " وهذا البيت لسهولة لفظه ومعناه المباشر أصبح مثال يُقال للذي يُهدد ويرعد ويزبد ولا يفعل شيء في نهاية المطاف سوى هذا التهديد الأجوف
وقد
تكلم علماء اللغة في هذا وأكثروا بما لا يدع مجال للشك أن التقعر باللفظ فعلٌ
يستهجنه جمهور النُقاد ومتذوقيّ الشعر ومن ذلك قول قدامة بن جعفر "من عيوب
الشعر أن يركب الشاعر منه ما ليس بمستعمل إلاّ في الفرط، ولا يتكلم به إلا شاذّا..."
ومما يؤخذ على البحتري أيضاً من علماء اللغة إكثاره من هذا وتتبعه للألفاظ الغريبة كقوله "أهلس أليس لجاءُ إلى هممٍ ... تغرق الأسد في آذيها الليسا" ويقال إن الأصمعي أسقط شعراء كُثر ولم يروي لهم لإكثارهم من هذا
فجرت العادة بين الشعراء على الابتعاد عن ما يُستنكر من الحديث، وسنجد أن العامة يؤثرون في تراكيب الشعر غاية التأثير، وذكرنا مراد الشعراء بهذا كما تقدم
ولكني أتساءل الآن أين ذهبت هذه السهولة في عصرنا الحالي، في رأيي أن الدهشة لم تعد كما كانت بكتابة الشعر ونشره بين الناس أو نحت قصيدة من مئة بيت، بل أن الشعر أصبح كثير وكثير جداً في عصرنا الحالي ولا يعود هذا لكثرة الشعراء
بل أنه يقال أن معظم أهل نجد في العصور السابقة كانوا يحسنون كتابة الشعر وعلى هذا تجد الجارية تقول الشعر والأخ حين يلتقي أخاه وغيرها في التراث المذكور بكتب التاريخ
ولكن ما يُدون وينشر قلة قليلة جداً، وهو نزر لا يتجاوز الواحد بالمئة، لذلك أصبحت المراهنة في وقتنا الحاضر على من يستطيع أن يغلف البيت بدلالات عميقة، فيصبح هناك التقاطات من قبيل "تذوق الجمال غير المقصود"
والرمزية حسب ما أعتقد أنها هي من تقوَّم الأدب الحالي وتثبت ركائزه، فلا تجد نص من النصوص يشتهر وهو بسيط ويسير كقول بشار بن برد (رباب ربة البيت تصب الخل بالزيت ... لها عشر دجاجات وديك حسن الصوت.)
نُشر في مجلة فرقد -
كانت القصيدة على مدى العصور تحاول أن تقترب من مستوى مفردات الشعوب آنذاك للوصول إلى الناس بها، وتخاطب عقولهم بمعنى مباشر وتصاوير فنية تُفهم من الوهلة الأولى، وربما تكون شائعة أيضاً ليصبح البيت فيما بعد مثال يجوب الآفاق
وما أكثرها التي أصبحت أمثلة كبيت جرير الشهير " زعم الفرزدق أن سيقتل مرْبعاً.. أبشر بطول سلامة يا مرْبعُ " وهذا البيت لسهولة لفظه ومعناه المباشر أصبح مثال يُقال للذي يُهدد ويرعد ويزبد ولا يفعل شيء في نهاية المطاف سوى هذا التهديد الأجوف
ومما يؤخذ على البحتري أيضاً من علماء اللغة إكثاره من هذا وتتبعه للألفاظ الغريبة كقوله "أهلس أليس لجاءُ إلى هممٍ ... تغرق الأسد في آذيها الليسا" ويقال إن الأصمعي أسقط شعراء كُثر ولم يروي لهم لإكثارهم من هذا
فجرت العادة بين الشعراء على الابتعاد عن ما يُستنكر من الحديث، وسنجد أن العامة يؤثرون في تراكيب الشعر غاية التأثير، وذكرنا مراد الشعراء بهذا كما تقدم
ولكني أتساءل الآن أين ذهبت هذه السهولة في عصرنا الحالي، في رأيي أن الدهشة لم تعد كما كانت بكتابة الشعر ونشره بين الناس أو نحت قصيدة من مئة بيت، بل أن الشعر أصبح كثير وكثير جداً في عصرنا الحالي ولا يعود هذا لكثرة الشعراء
بل أنه يقال أن معظم أهل نجد في العصور السابقة كانوا يحسنون كتابة الشعر وعلى هذا تجد الجارية تقول الشعر والأخ حين يلتقي أخاه وغيرها في التراث المذكور بكتب التاريخ
ولكن ما يُدون وينشر قلة قليلة جداً، وهو نزر لا يتجاوز الواحد بالمئة، لذلك أصبحت المراهنة في وقتنا الحاضر على من يستطيع أن يغلف البيت بدلالات عميقة، فيصبح هناك التقاطات من قبيل "تذوق الجمال غير المقصود"
والرمزية حسب ما أعتقد أنها هي من تقوَّم الأدب الحالي وتثبت ركائزه، فلا تجد نص من النصوص يشتهر وهو بسيط ويسير كقول بشار بن برد (رباب ربة البيت تصب الخل بالزيت ... لها عشر دجاجات وديك حسن الصوت.)
نُشر في مجلة فرقد -
______
وسوم: #زهير_بن_أبي_سلمى #البحتري #بشار_ابن_برد #الفرزدق #جرير