نموذج الاتصال

ألفُ كافكا


"وكان كافكا يحاول أن يتغلب على نفسه ولم يستطع, أعرف العشرات (ككافكا) يقاتلون بصمت, وبالتأكيد يوجد الملايين ممن لا أعرفهم, قد يطول الحديث ويتمدد …"
- تغريدة كتبتها منذ أيام
في حينا -بجانب محل المفروشات- يوجد خباز صامت, وقد جربت ذات مرة أن أعطيه (ريالان) متعمدًا -وكأنني نسيت- ثمن الخبز, فلم ينبس ببنت شفة وأقبل على التنور مرة أخرى, ضحك له شخص آخر وزاد على حقه من المال ولم يتحدث الخباز أيضًا, أتى مسؤول (الفوال) يؤنبه على تأخيره وبطئ إنتاجه للخبز مما أثار حنق الزبائن, فلم يزد على أنه أشاح النظر, عاد إلى التنور, أكمل بنفس الوتيرة السابقة.


و تساءلت وقتها مما يعاني الخباز, ما سبب وجومه, نعم نستطيع أن نعرف أحزان كافكا من كتاباته ولكن هذا الرجل لمن يكتب, ومن سيستمع إليه, حاولت أن أبتعد بعدما تركت له (الريالين) الأخرى ومضيت أتأمل..

أدركت أن الكتاب هم الذين يستطيعون التعبير ولذلك رسمت هالة من الكآبة حولهم, أو ربما بسبب المشاهد السينمائية, او ربما لأسباب لا أعرفها.
 

 العشرات بل المئات, هؤلاء العابرون الصامتون, حتمًا يقاسون شيء لم يقاسيه كافكا ولا غيره ولكنهم صامتون. محاسب الشركة القلق ورب الشركة الحزين والفرَّاش المكتئب والبواب المنهك، جميعهم رغم اختلافاتهم الطبقية يتقلبون على صفيحٍ ساخن كل ليلة.

إن كان الحزين يمنعه الحياء من إظهار حزنه شفهي لصديق ويُجبر دائما على الابتسام لكيلا يصبح الصديق الكئيب بنظرهم، إذن حالته أسوأ من كافكا بمراحل، أما من يحاول إظهار مشاعره بواسطة الكتابة ولا يستطيع، فلا نملك إلا تلحين التراتيل على جنازته البائسة.




إرسال تعليق